نموذج للتخلف العربي

0
العالم الآن منقسم لرأيين فيما يخص ضرب إيران للقواعد الأمريكية منذ يومين:

الأول: رأي عام غربي يقول أنه وفي حال تعمدت إيران عدم إيقاع خسائر بشرية بأمريكا في نفس الوقت تدميرها لطائرات ومستودعات القاعدة حسب تصريح الجيش الأمريكي الرسمي منذ ساعات هذا يعني عدة أمور:

1- تركوا لترامب حرية الخروج من مأزق الشرق الأوسط بخيارين، إما العناد والضربة القادمة ستكون مكلفة بشريا، وإما المرونة بالرحيل عن المنطقة كما كان يعد منتخبيه.

2- دقة الصواريخ الإيرانية مع عدم إيقاعها خسائر بشرية يعني (تمكن حربي) وتغير في معادلات القوى المستقبلية، الآن أصبح لإيران القدرة على اغتيال أي شخص مهما كان وزنه، وتدمير أي منشأة مهما كانت محصنة..

3- إضعاف الجمهوريين في الانتخابات القادمة (كما قلت منذ أيام) وفي ذات الوقت حشد الرأي العام الأمريكي لصالح السلام مع إيران ورفع العقوبات.

4- رسالة إيرانية ببقاء معادلات الاشتباك كما هي منذ إسقاط الطائرة الأمريكية فوق الخليج منذ عدة شهور، أن لإيران حق الضرب وإيقاع الأذى بالأمريكيين متى تحب مقابل رحيل أمريكا عن الشرق الأوسط وبالتالي تفكيك قواعدها

الثاني: هو رأي عام عربي منتشر في الفضائيات والإعلام يسخر من الضربة الإيرانية ويقول أن أمريكا خرجت منتصرة أو بمكاسب كبيرة، متجاهلين تصريح هيئة الأركان الأمريكية التي اعترفت بإصابة قاعدة عين الأسد ب 13 صاروخ دمرت فيها منشآت وآليات وطائرات، وهذا يعني عدة أمور حسب رأيهم..

1- إيران هي نمر من ورق وأمريكا إله عسكري لا يمكن هزيمته..

2- ملالي إيران جعجاعيين وأصوات فارغة مصابين بأمراض الزعامة

ملخص الرأيين أنه كاشف لطريقة تفكير المجتمع الغربي المتقدم وطريقة تفكير العرب المتخلفة، فالأولى تميل للتحليل العقلي والنقد وطرح الاحتمالات كما هو متبع في ثقافتهم الحداثية، والثانية تميل للاختزال والتنمر كما هو متبع في ثقافتهم الدينية المسيطرة، فالمسلم السني يبالغ في إضعاف إيران والمسلم الشيعي يبالغ في تقويتها لعوامل مذهبية، أما المسيحي العربي فيتخذ موقف المسلم السني غالبا لتصورهم ملف الخليج برؤية دينية تعاني من هواجس ضد ولي الفقيه..

في الرأي الأول مناقشة علمية تحقق لهم الأمن وتجعلهم في مأمن من حروب وتهورات وبطش قادة العالم المعاصرين، أما الرأي الثاني فيميل للصدام وبقاء نفس معادلات القوى السابقة بالإصرار على المواجهة مع أقوياء ظنا منهم أنهم ضعفاء..

في الرأي الأول تجد محللين حتى لو خاصموا إيران سياسيا لكن معتبرين أن ما حدث هزيمة سياسية وعسكرية لأمريكا لم تحدث منذ عقود، وأنها تؤسس لمعادلات اشتباك وموازين قوى مستقبلية في صالح إيران، أما في الرأي الثاني فيغلب عليهم الانحياز الطائفي والحزبي والنخبة فيها مستسلمة تماما لرأي الأغلبية القاصر عن التحليل ظنا منهم أن ذلك سيشفع لهم بعدم الانحياز الديني وهو أبشع اتهام قد يطال مفكر تلك المرحلة.

وأخيرا: الرأي الأول لديه المعلومات الكافية والنخبة المطلوبة للتحليل العلمي، أما الرأي الثاني فهو فاقد للمعلومة ويعاني من العزلة ونخبته موجهة لصالح السلطة وذوي النفوذ، وعندي أن كلا الرأيين يميزان الحضارة من التخلف..والقوة من الضعف..والذكاء من البلاهة، لذا فأصحاب الرأي الأول أقوياء وسيظلوا هكذا، أما أصحاب الرأي الثاني ضعفاء وسيظلوا هكذا إلى أن يحدث جديد..

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

مقدمة في دواعش الفن المصري (5)

 منذ أيام انشغل الوسط الفني والثقافي والشعبي المصري بتصريحات الفنان "يوسف الشريف" التي يقول فيها برفضه القاطع ملامسة أي فنانة أو أ...

موقع الباحث سامح عسكر الرسمي