الإعلام المصري بين كولن وأردوجان

0
التقى أمس الإعلامي المصري "نشأن الديهي" بالزعيم التركي الإسلامي "فتح الله كولن" في أمريكا بلقاء واضح أنه قد تم تسجيله أثناء زيارة الرئيس لنيويورك وخطابه في الأمم المتحدة..

هدف اللقاء بالطبع ليس الاهتمام بشخص كولن فهو غير معروف بمصر، ولكن لأنه معارض لأردوجان، وفي رأيي أن قرار الإعلام بتبني وتلميع الرجل له مخاطره يجب الانتباه إليها، فمن الواضح بالنسبة لي أن هناك قرارا ونصائح إقليمية بضغط المصريين على تركيا عن طريق كولن كورقة ضغط..وهذا المقال يطرح معلومات وأفكار ونظريات بحاجة لمناقشة عاجلة.

أولا: فتح الله كولين كفّر الشيوعيين ودعا الجيش للانقلاب عليهم سنة 80، وهو متبني الرؤية الإخوانية في شمولية الدين لكل مناحي الحياة ولضرورة الجهاد دفاعا عن المسلمين كما في كتابه "الجهاد وحقيقته في الإسلام"

ثانيا: كولين شخص أصولي من مؤيدي خلط الدين بالسياسة، وهذا كان سبب نقمة العلمانيين الأتراك عليه في التسعينات ودعمه لحركات نجم الدين أربكان ومن بعده أردوجان كإسلاميين، وكتابيه "السنة والعصمة النبوية" يقولان أنه سلفي تقليدي أشبه بشيوخ الوهابية، لكن يختلف عنهم في بعض الأولويات بصفته زعيم وطني كتقديمه التربية على السياسة والفكر على الأحزاب، برغم أن حركته أصلا هي تعمل في صورة حزب سياسي تم حظره....

ثالثا: حركة كولين قومية تركية.. أردوجان لا..أي التعصب للقومية التركية موجود أكثر عند فتح الله لأفكار استقاها من الشيخ سعيد النورسي ، وكثير التهجم على القوميات الأخرى خصوصا الفرس والأكراد والروس بصورة هجومه على الشيعة والشيوعيين..

رابعا: كولين يقدّم نفسه كإسلامي معتدل مثل الشيخ القرضاوي، بل يمكن اعتباره قرضاوي تركيا، وخلافه مع أردوجان كان في كيفية تناول العلمانية والأكراد والانفتاح عليهم داخل تركيا ثم استفحل الخلاف سنة 2013 بعد فضيحة فساد حزب أردوجان ومحاولة فتح الله جولن استغلال الفضيحة للعودة إلى حُكم تركيا..

خامسا: كولين له كتاب بعنوان "القدر في ضوء الكتاب والسنة" تبنى فيه المذهب الجبري الذي يقول أن كل شئ مكتوب للإنسان في لوح محفوظ قبل وجوده وما يعيشه الإنسان مقدر سلفا والاعتراض عليه هو اعتراض على قدر وإرادة الله، وهذا المذهب الجبري هو ما تبناه وأشاعه الأمويون وبسببه قتلوا الآلاف من معارضيهم وآل البيت والمفكرين،

سادسا: الرجل له موقف طائفي من الشيعة وإيران وهذا سبب – من أسباب - كراهية (علويين تركيا) له واضطرارهم إلى انتخاب أردوجان وتعديل دستوره سنة 2017 ورغم غباء أدروجان وعنجهيته لكن في انقلاب 2016 الفاشل وصل لعلاقة بين كولن وبن زايد في رشوة ضباط جيشه والتأثير فيهم دينيا، ومن يومها ساءت علاقة تركيا بالإمارات وتدخلت إيران لصالح أردوجان بالطبع لورود ذكر فتح الله كولن في التحقيق ورفض أمريكا تسليمه.

معلومة: وكالة زمان التركية للأنباء كانت تابعة لفتح الله كولن، وكانت تشن هجوم (طائفي) دائم على إيران والفرس واتهامهم بدعم حزب العمال الشيوعي، تسببت الوكالة في أزمات سياسية بين الدولتين انتهت بسيطرة الحكومة على الوكالة وتصفية وجود أتباع كولن بها مما اضطرهم لإنشاء نسخة أخرى من الوكالة مقرها في ألمانيا، وهي نفس الوكالة التي كان يتبع لها ضباط شرطة اتهموا بالتجسس على جمعيات تركية علوية بحجة ولائها لإيران، هؤلاء الضباط تمت محاكمتهم سنة 2014 وبعد الانقلاب الفاشل سنة 2016 عزل أردوجان آلاف الضباط اللي كانوا على علاقة بيهم بحجة انتمائهم لجماعة كولن..

سابعا: مصر تخطئ للمرة الثانية برعاية فتح الله جولن لتكتسب عداوة وكراهية الشعب التركي، كما اكتسبنا من قبل كراهية الشعب الإيراني بسبب رعاية واستضافة الشاه "محمد رضا بلهوي" ، نفس الغلطة التي ارتكبها صدام حسين برعاية جماعة "مجاهدي خلق" الشيوعية ضد إيران ، برغم أنه كان يحارب حركة الأنصار الجناح العسكري للحزب الشيوعي العراقي في مناطق الأكراد..!

ثامنا: خلاف مصر مع نظام أردوجان لا يجب أن يتحول لخلاف مع الشعب التركي، مهما حاولت القاهرة التقرب من الأتراك بنقد أردوجان فالشعب هناك يجمع على رفض الأنظمة الدينية والعسكرية، لكن من باب السياسة يطالب المعارضين بإعادة العلاقات مع مصر لكن ليس عن طريق كولن..هذا يعتبر كارت محروق شعبيا وسياسيا في تركيا..

تاسعا: نحن ندفع ثمن سياسة خاطئة مع تركيا، لولا أخطاء الإمارات وكولن في دعم انقلاب 2016 ما ارتمى أردوجان في حضن إيران ولا اقتنع بضرورة التخلص من الجهاديين في حلب السورية وبعدها ريف دمشق، لاحظ أن توقيت الانقلاب كان مرافق لعمليات تحرير حلب والآن يضطر للجلوس مع روحاني كي يتفق على مخرج آمن لجهاديين إدلب، هذا شئ جيد بالعموم..لكن الإمارات بالأصل دعّمت الانقلاب لإخوانية أردوجان وليس لأنه ضد الجيش السوري وهذا سوء نظر أدى لضياع نفوذ ممالك الخليج كله من سوريا بعد الانقلاب وانفراط العقد بشكل سريع لصالح الروس والإيرانيين..

عاشرا وأخيرا: جماعة الإخوان ترى خلاف كولن وأردوجان من داخل البيت الإسلامي، بعضهم يتحزب لهذا وذاك لكن رؤية مفكري الإخوان بالعموم لا تخرج حركة كولن من التيار الإسلامي، وهذا يعني أن كلام الرجل في إعلام مصر سيكون موافق للهوى الإخواني في خلط الدين بالسياسة، ومن يشأ فليقرأ تقريظ الفقيه المغربي "فريد الأنصاري" له والجزائري "محمد بابا عمي" والأهم ما كتبه الدكتور الإخواني "عبدالحليم عويس" في كولن واعتباره زعيم النهضة الإسلامية الحديثة..

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

مقدمة في دواعش الفن المصري (5)

 منذ أيام انشغل الوسط الفني والثقافي والشعبي المصري بتصريحات الفنان "يوسف الشريف" التي يقول فيها برفضه القاطع ملامسة أي فنانة أو أ...

موقع الباحث سامح عسكر الرسمي